الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

"سطور على سَفَر"



عدلي صادق

عضو الامانه العامه..لشبكة كتاب الرأي العرب-الهند 

عدت الى كتابة هذه السطور، من حفل تضامني مع فلسطين، سيُصار في ختامه الى تهنئة وزير الخارجية الهندي الجديد، سلمان خورشيد، وزير العدل الهندي السابق، بتسلم موقعه الجديد، كوزير للخارجية . فقد تأخر الوزير في الحضور، لشاغل طارئ ظهر بسبب زيارة مفاجئة لكرزاي رئيس أفغانستان. وبحضوره أسعفنا رب العالمين بكلمات لعلها هي التي أثارت الشجن في نفس الرجل، وربما ببركة الشيخ ياسين الأسطل الذي كان حاضراً. رميت شكواي من تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية، في بطن الشكوى العامة من ممارسات الاحتلال وخاصة في القدس الشريف. قلت إن هؤلاء العنصريين الحاكمين في إسرائيل، يتعمدون تطوير علاقاتهم مع الهند، لكي يحققوا استفادتيْن هائلتين، واحدة اقتصادية والأخرى سياسية. ما يعنيني هو الاستفادة السياسية، لأن الشراكات الاقتصادية للهند، تتحدد وفق مصالحها. ففي السياسة يواجه المحتلون العنصريون الرافضون للتسوية السياسية، والذين ينازعوننا على ما تبقى من أرضنا، ويعتمدون كل أساليب الانتهاك التي يرفضها العالم، وبخاصة دول مجموعة "البريكس" التي تُعد الهند من أعمدتها؛ يريدون علاقات متطورة لهم مع هذا البلد المهم، لكي يقولوا ها نحن ذا نمتلك علاقات طبيعية مع أمة عظيمة، هي أم فلسفة السلام. وقلت مخاطباً الوزير المسلم، إنكم قطعاً تتنبهون لهذه المقاصد، لأنكم تعلمتم في مدرسة ابيكم خورشيد علم خان، الذي عمل وزيراً للخارجية مع إنديرا غاندي، وهي الأخت الأثيرة لشهيدنا وقائدنا الراحل ياسر عرفات. فأبوكم صال وجال في مؤتمرات دول عدم الانحياز، وكانت فلسطين في قلبه وعلى لسانه، كلما التقى زعماء الدول ووزراءها، وكلما ترأس مجلس الأمن أو الجمعية العمومية. وقاد الوالد دبلوماسية مساندة لقضية فلسطين، في مرحلة سعينا الى اعتراف العالم بشرعية نضالنا الوطني. وقلت غير هذا مما أثار الشجن في نفسه، ومن بين الإشارات، تذكيره بأن أول عمل سياسي له كشاب يافع، كان في موقع مقرب لفلسطين، وهو مدير مكتب إنديرا غاندي. بعدئذٍ، وقف الرجل الذي أبلغنا عند وصوله أن وقته ضيق، فألقى كلمة طويلة، حانية وعاطفية ومؤيدة بالمطلق، متوجهاً صوبي في معظم وقت الكلمة. فقد تحدث عن فلسطين باعتبارها قضيته، وشرح الموقف مؤكداً أن جوهر الموقف الهندي، الذي لن تتراجع عنه، ولن تتوقف عن الحديث فيه، ولا عن الدعم في سياقه؛ هو أننا مع حرية الشعب الفلسطيني واستقلاله وقيام دولته وعاصمتها القدس، علماً بأن الدبلوماسيات الدولية، تشهد تغييراً في عصرنا هذا، وأن الأمور باتت صعبة ولا يمكن أن نصحو من النوم، لنرى أمانينا قد تحققت. وقال إننا نعلم كل ما يجري في فلسطين ونحس بكل ما يمر في أوقاتكم ونتألم لآلامكم. وشدد على ضرورة الصمود والثبات، وقال إنني ومن قبلي والدي الذي ذكرته مشكوراً، لا نؤيد قضية فلسطين لأننا مسلمون وحسب، بل لأن فلسطين هي فلسطين، القضية الإنسانية، وقضية التحرر العادلة!

في ختام كلمته الضافية الطويلة، شكرت الوزير باسم فلسطين وباسم جميع زملائي السفراء العرب، الذين أنابوني عنهم لتهنئتكم بانتقالكم الى عمل جديد كوزير للخارجية في الهند. إن أول ما نقدر فيكم، هو أنكم نشأتم في بيت يرى الفضيلة في الوطنية بمعناها الواسع، ويجعلها فوق كل شيء، دون أن تنتقص من هذه الوطنية، أية تفصيلات أخرى، تتعلق بالتعدد الديني والثقافي والعرقي في البلاد!

خرجنا من قاعة الفندق، ولم يتبق سوى ساعتين على سفر طويل، لأرتجل هذه السطور، استمراراً للوصال مع القارئ ومع الصحيفة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق